العوامل المؤثره على الأطفال المتنمرين والمتنمر عليهم وطرائق معالجتها

سحر إسحاق السيابي ///

العوامل المؤثره على الأطفال المتنمرين والمتنمر عليهم وطرائق معالجتها.

مقدمة

التنمر هو مشكلة خطيرة تؤثر على الأطفال في جميع أنحاء العالم، مسببةً تأثيرات سلبية على صحتهم النفسية والجسدية. يعرف التنمر بأنه سلوك عدواني متكرر يهدف إلى إلحاق الأذى بشخص آخر، سواء كان ذلك الأذى بدنيًا، نفسيًا، أو اجتماعيًا. يتخذ التنمر أشكالًا مختلفة منها الألفاظ المهينة، العنف الجسدي، العزل الاجتماعي، والإساءة الإلكترونية.

 تعريف التنمر

وفقًا لتعريف دان أولويس (Olweus, 1993)، يعتبر التنمر شكلًا من أشكال الإساءة التي تتضمن اختلالًا في القوة بين المتنمر والضحية، ويتسم بالتكرار والإصرار على إيذاء الضحية. يمكن أن يكون التنمر مباشرًا، مثل الضرب أو السخرية، أو غير مباشر، مثل نشر الشائعات أو العزل الاجتماعي.

 العوامل المؤثرة على المتنمرين

1. البيئة الأسرية

تعد البيئة الأسرية من العوامل الرئيسية التي تساهم في تكوين سلوك الطفل. الأطفال الذين ينشأون في أسر تعاني من نقص الحب والاهتمام أو تشهد صراعات وعنفًا أسريًا يكونون أكثر عرضة لتبني سلوكيات عدوانية. أظهرت دراسة "Smith et al., 2019" أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة عائلية مضطربة هم أكثر عرضة للتنمر على زملائهم في المدرسة.

 2. العوامل النفسية

تشمل العوامل النفسية الرغبة في السيطرة، والشعور بالغيرة، والغضب. الأطفال الذين يعانون من نقص الثقة بالنفس أو الذين يشعرون بأنهم غير محبوبين قد يلجأون للتنمر كوسيلة لإثبات ذواتهم وإظهار قوتهم. دراسة "Espelage et al., 2014" وجدت أن الأطفال الذين يظهرون سلوكيات نرجسية أو يشعرون بعدم الأمان هم أكثر عرضة لأن يصبحوا متنمرين.

 3. البيئة المدرسية

تلعب البيئة المدرسية دورًا حاسمًا في تشجيع أو الحد من سلوكيات التنمر. المدارس التي تفتقر إلى الإشراف الكافي أو التي تتسامح مع السلوك العدواني تساهم في انتشار التنمر بين الطلاب. أكدت دراسة "Olweus, 1993" أن المدارس التي تتبنى سياسات واضحة لمكافحة التنمر وتطبقها بصرامة تشهد معدلات أقل من التنمر.

 العوامل المؤثرة على المتنمر عليهم

1. العوامل النفسية

ضعف الثقة بالنفس والقلق والاكتئاب هي بعض من العوامل النفسية التي تجعل الأطفال أكثر عرضة للتنمر. أظهرت دراسة "Hawker & Boulton, 2000" أن الأطفال الذين يعانون من مستويات عالية من القلق والاكتئاب هم أكثر عرضة ليكونوا ضحايا للتنمر.

2. البيئة الأسرية

تؤثر البيئة الأسرية على قدرة الطفل على التعامل مع التنمر. الأطفال الذين ينشأون في بيئة تدعمهم عاطفيًا وتوفر لهم الأمان النفسي يكونون أكثر قدرة على مواجهة التنمر. على النقيض، الأطفال الذين يتعرضون للعنف أو الإهمال في المنزل هم أكثر عرضة لأن يكونوا ضحايا للتنمر. دراسة "Lereya et al., 2013" أشارت إلى أن الدعم العائلي القوي يمكن أن يكون عاملاً وقائيًا ضد التنمر.

 3. العوامل الاجتماعية

تشمل العوامل الاجتماعية الاختلافات في المظهر أو السلوك، الاختلافات الثقافية أو العرقية، والتمييز الجنسي أو الجنسي. الأطفال الذين يختلفون عن أقرانهم في هذه النواحي يكونون أكثر عرضة للتنمر. دراسة "Juvonen et al., 2013" وجدت أن الأطفال الذين ينتمون إلى أقليات عرقية أو دينية قد يكونون أكثر عرضة للتنمر بسبب اختلافاتهم.

 التنمر الجماعي داخل الفصول الدراسية

التنمر الجماعي هو شكل من أشكال التنمر يتم فيه إشراك مجموعة من الأطفال في إيذاء طفل أو أطفال آخرين. يتميز هذا النوع من التنمر بالتنظيم والتخطيط المسبق، ويعتمد على وجود زعيم أو قائد للمجموعة.

 1. تأثير التنمر الجماعي على الضحايا

يكون تأثير التنمر الجماعي أكثر خطورة على الضحايا مقارنة بالتنمر الفردي. يشعر الضحايا بالعزلة والضعف أمام مجموعة من المتنمرين، مما يزيد من شعورهم بالعجز والاكتئاب. وجدت دراسة "Salmivalli et al., 1996" أن التنمر الجماعي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في الأداء الأكاديمي وزيادة في المشاكل السلوكية والنفسية.

 2. دور البيئة المدرسية

تلعب البيئة المدرسية دورًا محوريًا في الحد من التنمر الجماعي. المدارس التي تفتقر إلى إشراف كافٍ وتعاني من ضعف في السياسات والإجراءات المتعلقة بالتنمر تشهد معدلات أعلى من التنمر الجماعي. أشارت دراسة "Espelage & Swearer, 2004" إلى أن تدخلات الإدارة المدرسية والاهتمام بالبيئة المدرسية يمكن أن تقلل من حدوث التنمر الجماعي.

 توصيات للإدارة والمعلمين

 1. تعزيز بيئة مدرسية إيجابية

- توفير إشراف مكثف: يجب أن يكون هناك إشراف مكثف ومستمر على الطلاب في الفصول الدراسية والمناطق المشتركة لمنع حدوث التنمر.

- تشجيع التواصل المفتوح: ينبغي تشجيع الطلاب على التحدث بحرية عن مشاكلهم ومخاوفهم مع المعلمين والإدارة.

- تطوير سياسات مكافحة التنمر:يجب وضع سياسات واضحة وصارمة لمكافحة التنمر وتطبيقها بفعالية.

 2. تدريب المعلمين

- تدريب على التعرف على التنمر:تدريب المعلمين على كيفية التعرف على علامات التنمر وكيفية التعامل معها بفعالية.

- تطوير مهارات التدخل:تعليم المعلمين استراتيجيات التدخل الفوري والفعّال لمنع التنمر وحماية الضحايا.

3. إشراك الأهل

- التواصل المستمر:بناء قنوات تواصل مستمرة بين المدرسة وأولياء الأمور لضمان متابعة سلوكيات الطلاب وحل المشاكل بسرعة.

- تقديم ورش عمل توعوية:تنظيم ورش عمل توعوية للأهل حول كيفية دعم أطفالهم ومساعدتهم في التعامل مع التنمر.

 4. برامج التوعية والوقاية

- برامج تعليمية: تقديم برامج تعليمية وتوعوية تشمل جميع الطلاب، تُعلمهم عن مخاطر التنمر وكيفية التعامل معه.

- أنشطة جماعية: تنظيم أنشطة جماعية تعزز التعاون والاحترام المتبادل بين الطلاب.

الخاتمة

التنمر، وخاصة التنمر الجماعي داخل الفصول الدراسية، هو مشكلة معقدة تتطلب تدخلات متعددة الأبعاد لمعالجتها. من خلال فهم العوامل المؤثرة على المتنمرين والمتنمر عليهم واستخدام استراتيجيات شاملة للتوعية، التدخل العائلي، الدعم النفسي، تطوير السياسات المدرسية، والأنشطة الاجتماعية، يمكن تحسين البيئة التعليمية والاجتماعية للأطفال وجعلها أكثر أمانًا وصحة.

 المراجع

1. Smith, P. K., et al. (2019). Family environment and bullying: The role of perceived family dysfunction. *Journal of Family Psychology, 33*(3), 281-290.

2. Olweus, D. (1993). *Bullying at school: What we know and what we can do*. Oxford: Blackwell.

3. Hawker, D. S. J., & Boulton, M. J. (2000). Twenty years’ research on peer victimization and psychosocial maladjustment: A meta-analytic review of cross-sectional studies. *Journal of Child Psychology and Psychiatry, 41*(4), 441-455.

4. Espelage, D. L., et al. (2014). Bullying among adolescents: The role of peer group status. *Journal of Abnormal Child Psychology, 42*(1), 33-44.

5. Kärnä, A., et al. (2011). A large-scale evaluation of the KiVa antibullying program: Grades 4-6. *Child Development, 82*(1), 311-330.

6. Ttofi, M. M., & Farrington, D. P. (2011). Effectiveness of school-based programs to reduce bullying: A systematic and meta-analytic review. *Journal of Experimental Criminology, 7*(1), 27-56.

7. Smith, P. K., et al. (2004). An evaluation of the effectiveness of anti-bullying policies in schools. *Educational Research, 46*(1), 97-112.

8. Juvonen, J., et al. (2013). Promoting positive peer relations: Evidence-based strategies. In S. R. Jimerson, A. B. Nickerson, M. J. Mayer, & M. J. Furlong (Eds.), *Handbook of school violence and school safety: International research and practice* (2nd ed., pp. 368-380). New York: Routledge.

9. Lereya, S. T., et al. (2013). The role of the